lundi 14 mai 2007

معرض الرسام التونسي عيسى إبراهيم



معرض الرسام التونسي عيسى إبراهيم بالمركز الثقافي لمدينة تونس :

يقدم فيه لأول مرة أعماله للجمهور بعد 40 سنة من الانتظار و الإصرار..

يستضيف فضاء " المركز الثقافي لمدينة تونس " بالعاصمة تونس معرض التشكيلي التونسي عيسى إبراهيم ، الذي يتواصل إلى غاية 16 ماي القادم . و يكتسي أهمية كبرى في حياة صاحبه لأنه أول لقاء مباشر و فعلي مع الجمهور، و يعد اختبارا لتوجهه، وهو حلم يتحقق بعد إصرار و انتظار داما حوالي 40 سنة.. إضافة إلى أنه جاء نتيجة الحب و الإصرار و العمل و التجريب، بعد مسيرة طويلة أخذته بين تعاطي أشكال مختلفة من الفن منها النحت و الرسم على الخشب و الحفر.. و يحتوي المعرض على 44 لوحة انتقاها الفنان من بين العشرات من لوحاته التي يحتفظ بها في مرسمه ، و هي تختزل رؤيته الوجودية و الفنية و التشكيلية ..

ويقدم الناقد التشكيلي و الرسام حسين مصدق المعرض قائلا :" إن عيسى إبراهيم رسام عصامي ، أراد تقديم رسوماته إلى أحباء الفن التشكيلي بكل ما تحمل من عفوية ، حيث ينقل لنا مشاهد من المدينة العتيقة ، في تفاصيل يلتقطها بريشته و ألوانه و كأنه يريد التوثيق للحظات معينة تدون تاريخ و حياة مدينة تونس العتيقة و ما يدور فيها من أحداث تسكن في ذاكرته ووجدانه .. و تتمحور لوحات المعرض حول انطباعية المشهد في مخيلة الرسام ، و كأنه يفتقد تلك التفاصيل في زمنه الحاضر و نذكر منها لوحات " بائع الفطاير " و "عند الزاوية " و " جامع المحرس" و " الزاوية " و " كان يا مكان " و " المخازني " . كما أن عناوين هذه اللوحات تناشد الذاكرة في اعتزاز و إكبار لفعل هؤلاء داخل فضاء المدينة العتيقة .. إن لوحات المعرض إشارات ذاتية للرسام و ارتباطه بهذا الوسط المعاش ، حيث تتوارى إشارات مباشرة في أعمال الرسام له ذا الفضاء الفني بتفاصيل معماره و مرتاديه ، و لا تخلو لوحة في المعرض من هذه الإشارات التراثية . و تأتينا لوحات عيسى بألوان مغايرة و كأنها قديمة، حيث يعتمد على ألوان طبيعية غير مصنعة، ربما هي أصباغ نباتية.. فيأتي الرسم متناهي في القدم ، خصوصا أنه ينفذ رسوماته على حوامل متنوعة ميزتها القدم تحيل على كل ما هو تراثي ..» و يختم مصدق بأن: " المعرض تنويعة أخرى في المشهد التشكيلي التونسي، حيث يفتك الرسام العصامي الذي لا يجد سبيلا للحياة غير الفن بكل هواجسه، حتى و إن تميز بالانطباعية الساذجة المنبثقة من عفوية الحياة و كما نحلم بالإقامة فيها.."

و تؤكد الشاعرة و الناقدة التشكيلية و الرسامة شيماء عيسى على أن : " التشكيلي عيسى إبراهيم يمثل تجربة فريدة و مختلفة عن المشهد التشكيلي المعهود في تونس ، استلهمها أساسا من حياته الزاخرة بالتجارب و الآلام .و حاول عبر هذا المعرض إرساء تقاليد تشكيلية جديدة كالتجريدية الشرقية و السذاجة الهادفة و إنتاج دورة معنى ذات جدوى للمتلقي تقوم أساسا على أن الأصالة هي العمق الحقيقي للتراث و الامتداد الأمثل له، و أن كل محاولة للإغتذاء منه و استعادته و الإقامة فيه ، يجب أن تكون نابعة من هذا التصور لتفادى تشويهه .." و تضيف شيماء :" إنه يمتلك الجرأة و الشجاعة بمقاطعته لأقنعة التقنية ووسائلها : فهو آمن كما آمن من قبله " سيزان " و ساند انسكي " و" بول كلي" ، بأن التقنية ليست الجوهر ، بل تبقى القوة كلها للون و الضوء . لذا يرفض في كل لوحاته العمل عبر التقنية التي يرى أنها تحوَل عظمة و سيادة الطبيعة إلى نسق سلطوي نفعي كل مبتغاه تغييب الفرادة و الإبداع .. كما انه يؤمن أيضا بأن لغة الفن المتعاهدة لم تعد مناسبة للوعي الإنساني ، و يدعو لضرورة تكوين لغة جديدة يتم انجازها لمسة بعد أخرى و صورة تلوى الأخرى و مشهدا تلو المشهد ، حتى يستعيد الفن مرة أخرى مكانته كضرورة اجتماعية و فردية لا يمكن الاستغناء عنها . و يقطع التشكيلي عيسى في رسمه مع السائد و المعتاد ، و يعمل على إرساء قيم جمالية جديدة ..". و تنهي كلامها بتوصلها إلى:" أن الفنان يتحرك في ثنائية الإنجاز و الانهيار ، في عمق حيزها الفني و الجمالي والإنساني ، داخل المنظومة التشكيلية. و هذه الثنائية هي علامة رئيسية من علامات الحركية و المواكبة للفن و تاريخه ..".